صناعة الزجاج في الخليل: إرث عريق يعكس الهوية الفلسطينية
تقرير ثائر فاخوري
الخليل مكس – تُعدُّ صناعة الزجاج في مدينة الخليل واحدة من أقدم وأهم الحرف التقليدية التي تجسد التراث الفلسطيني العريق. بفضل مهارة الحرفيين وشغفهم، أصبحت هذه الصناعة علامة مميزة تعكس أصالة المدينة وقدرتها على المزج بين الحرف التقليدية والابتكار الفني.
تاريخ عريق يمتد عبر العصور
تعود جذور صناعة الزجاج في الخليل إلى آلاف السنين، حيث ازدهرت هذه الحرفة في العهد الكنعاني، ثم تطورت عبر العصور الإسلامية والبيزنطية. واستمرت عائلات الخليل في الحفاظ على هذه الحرفة جيلاً بعد جيل، لتصبح جزءًا من الهوية الثقافية والاقتصادية للمدينة.
آليات الصناعة التقليدية
تبدأ عملية صناعة الزجاج في الخليل بمرحلة تذويب الرمل والسيليكا في أفران حرارية تصل درجاتها إلى آلاف الدرجات المئوية. وباستخدام أنابيب نفخ معدنية، يقوم الحرفيون بتشكيل الزجاج إلى أشكال مختلفة، مثل الأواني، والأكواب، والمزهريات، وحتى التحف الفنية التي تتطلب دقة ومهارة عالية.
الإبداع والألوان الزاهية
تتميز منتجات الزجاج الخليلية بتصاميمها الفريدة وألوانها الزاهية المستوحاة من البيئة الفلسطينية. يتم إضافة أكاسيد معدنية لإضفاء ألوان مبهجة على الزجاج، مما يمنح كل قطعة طابعًا فريدًا.
تحديات تواجه الصناعة
رغم عراقة هذه الحرفة، تواجه صناعة الزجاج في الخليل تحديات كبيرة، أبرزها:
- الحصار الإسرائيلي الذي يحد من وصول المواد الخام اللازمة للصناعة.
- المنافسة من المنتجات المستوردة التي تُباع بأسعار أقل، رغم جودتها المتواضعة مقارنة بالزجاج المحلي.
- قلة الإقبال من الأجيال الشابة على تعلم الحرفة، ما يهدد انتقالها إلى المستقبل.
جهود للحفاظ على التراث
تعمل العديد من الجهات المحلية والدولية على دعم هذه الصناعة من خلال الترويج لها في الأسواق العالمية، وتنظيم معارض فنية تُبرز جمال الزجاج الخليل. كما تُسهم المبادرات المحلية في تشجيع الحرفيين الشباب على الانخراط في هذه المهنة لضمان استمرارها.
صناعة الزجاج: إرث خالد
رغم التحديات، تُعد صناعة الزجاج في الخليل رمزًا للصمود والابتكار الفلسطيني. إنها ليست مجرد حرفة يدوية، بل قصة نضال شعب يرفض أن يندثر تاريخه وثقافته.
يبقى زجاج الخليل تحفة تنطق بالهوية الفلسطينية، تجمع بين الماضي العريق والحاضر الطموح، لتبقى رمزًا للأصالة والإبداع في وجه كل التحديات.